اعلم ان العنوان قد يبدوا سببا للكثير من علامات الإستفهام التي قد تعلو وجه الكثيرين من الأصدقاء عن قرائته....و لكنه قد يكون شيئا عميقا قد احسست به منذ فترة و قد آلمني بشدة خاصة عندما تأملت في الكثير من احوالنا نحن الأحرار....نحن الملحدين
ان الإلحاد في نظري هو اكبر تمثيل للحرية في هذا العالم الملي بالقيود الدينية ... فهو الفكر الأسمى الذي يعطي القيمة كاملة للإنسان و ذاته دون الخضوع لأي من المؤثرات الخارجية او الأشباح الدينية....
فنحن-و نحن فقط- القيمة المطلقة الأهم في الوجود, لأننا لسنا ملكا الا لشخوصنا و لاجسادنا و لادراكنا.....و عليه فإن سعادتنا هي الأسمى في وقت ادراكنا .... و حتى معاناتنا الحالية لن تكون الا لسعادة مستقبلية سينتهي الإدراك بها يوما دون عودة او حياه اخرى بعد الموت
فنحن لسنا ملحدين.....لأن اغلبنا ظل حبيسا لسجنه الخاص و بقايا ما قد زرع فيه منذ طفولته, فلم نتحرر من موروث القبيلة او افكار مثل العذرية او تبعية المرأة للرجل او ان على الأولاد ان لا يسعوا الا لسعادة آبائهم او ان يقهروا انفسهم دهرا من اجل سعادة اناس آخرين..
على سبيل المثال يظل الكثير من الإناث متمسكين بالعذرية الجسدية و ان قطعة الجلد المقدسة لن تنتهي الا على يد عنتر ابن شداد زوج المستقبل, و غير ذلك فهي منحرفة و بائعة هوى و عشوائية.....و على الجانب الآخر يتصرف الذكور كأنهم في زمن الجواري ويريد جماع النساء اجمعين بلا تمييز عائدين بنا الى زمن الحريم , دون ادراك ان العاطفة و المشاعر التي تميزنا كبشر هي الجزء الأجمل و الأسمى في هذه العلاقة و ليست لغة الجسد دائما هي المسيطرة...
نظل لا نريد حريتنا ... نعيش على الكثير ما يمليه علينا غيرنا .... لا نحدد مصائرنا تبعا لرغباتنا و سعادتنا نحن , و لكن نعطي حقوقا للكثيرين بالتدخل فيما لا يعنيهم في حياتنا....فأهلنا على سبيل المثال ليسوا اوصياء علينا او اننا من ممتلكاتهم الخاصة لمجرد انهم انجبونا في هذه الحياه – و ليس هذا نكرانا للجميل- و لكن يجب ان نكون احرار وقتما وصلنا لسن رشدنا...و نحدد ما نريده و ما لا نريده دون ان نلقي بالا لما قد يصدروه علينا من احكام.
و لا اريد الإطالة و لكن قيسوا على ذلك كل شيء آخر
نظل نعيش في الظل....محاطين بأشباحنا السابقة.... نخاف من كسر القيود و العادات و التقاليد و الموروث الإجتماعي البالي الذي لن يرسلنا الا لسجون جديدة من عقدة الذنب الفارغة المضمون , ولا نقبع الا ناظرين للحرية من بعيد...او ان نكتب عنها في الخفاء او نحادث بعضنا البعض عنها كأنها جنات عدن المفقودة.
ما أغلبنا الا نماذج "اولية" كتلك التي يصنعونها للسيارات و الطائرات على سبيل تجربتها لوصول الى النموذج النهائي الذي يستطيع القيام بمهمته فعلا..... و كذلك اغلبنا.....فالملحدين الذين قد قضوا الكثير من عمرهم كمؤمنين مأدلجين و بعدها فهموا الحقيقة فهم يظلون كنموذج انساني غير مكتمل القدرة على ان يلمسوا الحرية و التحرر الحقيقيين.
لكن لنعلم جميعا ان هذه النماذج ال"الأولية الإختبارية" مثلكم سيكون مصيرها قسم الخردة بعد ان تتم مهمتها على اكمل وجه عندما تنجبوا اولادا يعلموا قيمة حياتهم و سعادتهم بل و سيستمتعوا بالحرية التي سلبت منكم يوما دون قيد او شرط او خوف في العقل الباطن من كل الأشباح التي تسيطر عليكم حاليا...
انتم يا من تدفون الثمن ,و يا من تعذبكم اطياف اشباحكم السابقة......استيقظوا....قوموا من توابيتكم, فقد قطعتم شوطا لا بأس به في الطريق للحرية...استمروا حتى النهاية...استمتعوا بحياتكم... فلا حياه أخرى لكم... سحقا للمجتمع و الموروث و احذروا ان يدعي احدا ملكيتكم...فأنتم ما الا احرار و ملك انفسكم فقط....
اتمنى ان يراجع كل منا نفسه و لينظر في مرآته ليعلم ان كان قد اصبح حرا فعلا ام انه مازال في طور ال"نموذج الأولي" و لتحاولوا ان تكونوا اكثر واقعية مع انفسكم.....فإن وجدتم انكم مازلتم على ما انتم عليه مع اختلاف السميات فقط فحاولوا مرارا و تكرارا ...... و لتكن قراراتكم نابعة من اختياراتكم انتم فقط, و ان تكون هذه الأفكار متحررة من كل ما لفظناه من قيود .....
و إلا سيكون مكانكم ساحات الخردة.... تبكون حياة وحيدة قد ذهبت هباء ..